شادي صلاح الدين (لندن)
فاجأ القاضي روبرت جاي قاضي محكمة «ساوثوارك» كروان كورت الملكية الجميع بقرار عزل هيئة المحلفين في قضية محاكمة الاحتيال الشهيرة لأربعة من المسئولين التنفيذيين السابقين في بنك باركليز متهمين بدفع مبالغ غير معلنة «رشاوى» لقطر للمساعدة في إنقاذ البنك خلال أوج الأزمة المالية العالمية في 2008. وكشفت القضية التي قدمها المحامي الكبير إدوارد براون عن أن اتفاقيات الخدمات الاستشارية للبنك، التي سدد من خلالها البنك الى قطر 322 مليون جنيه استرليني في عام 2008، كانت «آلية غير شريفة» لإخفاء رسوم إضافية من المستثمرين الآخرين والسوق الأوسع.
وشهدت المحاكمة الجنائية للرئيس التنفيذي السابق جون فارلي/62 عاما/ وزملائه السابقين – روجر جنكنز/63 عاما/، وتوم كالاريس/63 عاما/ وريتشارد بواث/60 عاما/ جلسات استماع للحجج القانونية حول القضية دون هيئة محلفين خلال الشهر الماضي. وبدأت محاكمة الرجال الأربعة في 23 يناير الماضي.
وأعلن القاضي روبرت جاي في المحكمة في لندن أنه مطالب بعزل هيئة المحلفين، مع استمرار قيود النشر التي توضح سبب هذا القرار.
وذكرت مصادر بريطانية لـ «الاتحاد» أن قرار القاضي جاء نتيجة أسباب محددة ولكن لم يتم الإعلان عنها غير أنها لن تخرج عن احتمالات أولها أن يكون قد وصل إلى علم القاضي وجود «شبهة فساد» أو محاولات اختراق لهيئة المحلفين لإثناء أحدهم أو بعضهم عن قراره، وهو ما يؤدي في النهاية إلى إفشال القضية. ثاني الاحتمالات أن يصل إلى علم القاضي بوجود خلاف بين أعضاء هيئة المحلفين وعدم تمكنهم من الوصول إلى قرار واحد بشأن هذه القضية. ثالثا: وصول معلومات بأن أحدا أو بعض أفراد هيئة المحلفين قد سرب معلومات حول هذه القضية، حيث يمنع القانون البريطاني أعضاء هيئة المحلفين من التحدث حول هذه القضية حتى فيما بينهم حتى الوصول الى قرار بشأنها، كما أنه يحق للقاضي فرض عقوبات على أي شخص من أفراد الهيئة ثبت قيامه بذلك، سواء بالتحدث عن الأمر للمقربين منه أو لوسائل الإعلام، وهو ما يؤثر في النهاية على سير القضية.
ووفق المصادر فإنه في القضايا الجنائية في بريطانيا يجب على أعضاء هيئة المحلفين الـ 12 أن يصلوا إلى قرار واحد بشأن القضية، ويكفي اعتراض شخص واحد فقط إلى إفشال الإدانة، وهو ما يختلف عن القضايا الأخرى التي تتطلب اتفاق 10 أعضاء فقط على الأقل من الأعضاء الـ 12. وأكدت المصادر أن هذا القرار لن يؤثر على القضية.
وكانت المحاكمة هي أبرز محاكمات مكتب جرائم الاحتيال الخطيرة في بريطانيا وهي المرة الوحيدة التي يواجه فيها كبار المصرفيين محاكمة هيئة محلفين فيما يتعلق بالأحداث التي وقعت خلال الأزمة المالية.
واتهم مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة في بريطانيا الرجال الأربعة بإخفاء 322 مليون جنيه استرليني (420 مليون دولار) في صورة مدفوعات «رشاوى» إلى قطر عن المستثمرين الآخرين. وقد تم دفع الرسوم إلى قطر في عام 2008 للحصول على استثمار بقيمة 4 مليارات جنيه استرليني، مما ساعد البنك على تجنب خطة إنقاذ حكومية غير مرغوب فيها في المملكة المتحدة، تضع البنك تحت تصرف الحكومة.
ووجهت إلى فارلي وجينكينز تهمتان بالتزوير، تتعلق بجولات لجمع الأموال في يونيو وأكتوبر من عام 2008، بينما يواجه الاثنان الآخران اتهاما واحدا، مرتبطا بجمع رأس المال الأول. ويؤكد مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة أن الرجال تصرفوا بطريقة غير نزيهة بعدم إخبار المستثمرين الآخرين بشروط الاستثمار المواتية التي منحها باركليز لقطر، والتي حصلت عليها بعد أن حصل حمد بن جاسم على مئات الملايين من البنك.
كان الادعاء العام في مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة البريطاني قدم أدلة جديدة إلى هيئة المحلفين في محكمة ساوثوارك كراون، في القضية المرفوعة ضد بنك باركليز التنفيذي بتهمة التزوير. وكان المدير التنفيذي السابق لبنك باركليز ريتشارد بوث قد تم تسجيله في حديثه مع رئيس منطقة الشرق الأوسط السابق في البنك روجر جنكينز الذي كان يفكر في طرق لتوجيه وتحويل المبالغ المطلوبة من القطريين قبل استثمار مليارات الجنيهات الاسترلينية في بنك باركليز في ذروة الأزمة المالية عام 2008.
ويواجه الرجال الأربعة اتهامات بالتآمر لارتكاب أعمال تزوير عن طريق التمثيل الزائف بشأن كيفية حصولهم على رأس مال من جزأين بقيمة 11 مليار جنيه استرليني (14 مليار دولار) مع سعي البنك لتفادي خطة إنقاذ حكومية خلال الأزمة المالية. ويؤكد مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة، الذي يحاكم القضية، أن المدعى عليهم ضللوا المساهمين والمستثمرين الآخرين بالتعاون مع النظام القطري بعدم الإفصاح عن قيام بنك باركليز بدفع مبلغ إضافي قدره 322 مليون جنيه استرليني إلى قطر من خلال اتفاقيات الخدمات الاستشارية المشبوهة، والتي يصفها المكتب بأنها اتفاقيات مخادعة وليست حقيقية. وينكر الرجال الأربعة جميع الاتهامات الموجهة لهم. ويدعي المتهمون، أنهم اعتمدوا على مشورة قانونية خلال جمع التمويل الطارئ الذي جرى على مرحلتين في يونيو وأكتوبر 2008.